[size=18]زيتون فلسطين.. خــــــير وآلام
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]بعد
أن كان شهر أكتوبر يحل ضيفا عزيزا على الفلسطينيين، صار يشكل لهم عبئاً
وهماً يضافان إلى بقية همومهم التي يبدو أنها لن تنتهي، فهذا الشهر هو
موسم جني محصول الزيتون الذي كان قبل الاحتلال والحصار من أجمل شهور السنة
الذي يجمع الناس والعائلات لجني هذا المحصول الاهم بين المحاصيل الزراعية
في فلسطين، لكن الجفاف والقيود التي يفرضها الاسرائيليون على حركة
الفلسطينيين أثرت سلبا في المحصول الذي كان يوفر دخلا كبيرا ومهما
للعائلات التي كانت تنظره من عام لآخر.
ولم يكتفِ «عدو الشجر
وعدو الانسان وعدو الحضارة وعدو الدنيا كلها» كما يقول المزارع وجيه
ابراهيم بالتضييق على المزارعين ومنعهم من الوصول إلى أراضيهم بل قطع في
السنوات القليلة الماضية آلاف الاشجار، إضافة إلى سياسة ضم الأراضي التي
تبتلع مناطق حيوية من أخصب المناطق.
وأكد مسؤول الشؤون القروية في
محافظة نابلس غسان دغلس، أن «34 منطقة قريبة من المستعمرات الإسرائيلية في
المحافظة لا يستطيع أهلها الوصول إلى أشجارهم وأن بعض المناطق أعطيت يومين
فقط لإتمام قطف عشرات آلاف أشجار الزيتون». وأضاف دغلس أن «المواطنين
الفلسطينيين الذين يسمح لهم بالوصول إلى أراضيهم يتعرضون للاعتداء من قبل
المستعمرين، وفي حادثة ليست الاولى أو الأخيرة حيث هاجم عشرات المستعمرين
أراضي المواطنين في قرية عزموط القريبة من مستوطنة ألون موريه وقاموا
بإلقاء الحجارة على الأهالي المنهمكين في قطف الزيتون، إضافة إلى الهجمات
الليلية التي يقومون بها لتخريب المحاصيل، ومن المعروف أن مساحة الأراضي
المزروعة بأشجار الزيتون في فلسطين تبلغ 885 ألف دونم تشكل نحو 45٪ من
مساحة الأراضي المزروعة و80٪ من مساحة الأراضي المزروعة بالأشجار المثمرة،
حيث إن معظمها بساتين تروى من الأمطار «بعلية»، كما أن عدد أشجار الزيتون
في أراضي الضفة الغربية وقطاع غزة يصل إلى 10 ملايين شجرة وأن معظم هذه
الأراضي هي أراضٍ جبلية لا تصلح لأنماط زراعية إنتاجية أخرى غير الزيتون.
ولعل
قصة الحاج صباح تمثل نموذجا من مئات بل آلاف القصص التي يعيشها المزارعون
الفلسطينيون وأصحاب الأراضي الذين تتفتح جراحهم في موسم قطف الزيتون
محرومين من خيراته وأرباحه، فالحاج صباح كان يملك في السابق آلاف الدونمات
الموروثة من أشجار الزيتون التي تكفي لإعالته بل وتزيد لتدر عليه أرباحاً
وافرة في كل عام، لكن جموع المستعمرين من مستوطنة حرميش القريبة أضرمت
النار في 2000 دونم منها ليتبقى له 3500 دونم.
ولم يتوقف الأمر عند
هذا الحد، فقد أصدرت سلطات الاحتلال أمراً بإقامة جدار الفصل العنصري على
أراضيه المتبقية مصادرة كل شبر منها، لتتركه بعيداً عن مصدر رزقه وغذاء
عائلته ومحروماً من فلاحة أرضه والعناية بزيتونه. وبعد سنة أقيمت بوابة
هناك عرفت في ما بعد باسم بوابة حرميش ومنع الأهالي من الوصول إلى أراضيهم
إلا في أوقات ومواعيد محددة. وحاليا يضطر الحاج الصباح وزوجته إلى السير
لمسافة ستة كيلومترات في كل مرة يود أن يدخل أرضه، وبعد وصولهما يكونان
متعبين ومنهكين وغير قادرين على بدء العمل فيها وقطف الزيتون في موسمه،
لكن الأمل في رؤية أكياس محملة بالزيتون يعطيهما دفعة للعمل بسرعة قبل
انتهاء مدة التصريح لذلك اليوم.
وعلى الرغم من التصريح القانوني
الذي يحصل عليه الحاج الصباح فإن المستعمرين وفي مرات عدة يسلبونه أكياس
الزيتون التي ذاق الأمرين من أجل تجميعها، ويقول صباح «لأننا لا نذهب إلى
الأرض باستمرار ولا نعتني بها بسبب منع الاحتلال ذلك، فإننا نجد الزيتون
غير مقلم والأرض غير نظيفة، فأستغل نصف الوقت في تنظيف الأرض وتقليم
الأشجار ثم أبدأ بالقطف، وأحياناً يهدم المستوطنون جهودي كلها بأخذ
الأكياس المحملة بالزيتون مني».
ومنذ أيام فقط خسر وجيه إبراهيم 78
شجرة زيتون مثمرة بسبب الاستمرار في توسعة الجدار العنصري الذي انتهت
اسرائيل من بناء نصفه فقط ويمتد لمسافة 709 كيلومترات على الرغم من أن
محكمة العدل الدولية في قد أقرت حكما بعدم قانونية أو ما يسمى «رأيا
استشاريا» في عام 2004 بأن الجار عمل غير مشروع.