في هذه الأيام إلى
هجمة شرسة من قوات الا
حتلال لتغيير معالمها الأثرية وتغيير تركيبتها
السكانية ببناء أكثر من 80 ألف وحدة سكنية داخل القدس الشرقية ...
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]تتعرض مدينة القدس في هذه الأيام إلى هجمة شرسة من قوات الاحتلال لتغيير معالمها الأثرية وتغيير تركيبتها السكانية ببناء أكثر من 80 ألف وحدة سكنية داخل القدس الشرقية بعد أن كبلتها وأحاطتها بسورها لعزلها عن محيطها العربي والإسلامي، ولم تكن الفرصة سانحة لها مثلما هي اليوم وسط الانقسام الفلسطيني ـ الفلسطيني والسكوت الذليل للأنظمة العربية عما يجري هناك وكأن الأمر لم يعد يعنيهم في شيء ـ دعاة الوسطية والتسامح في مفهومه الغربي مع مؤازرة علنية للصهيونية العالمية والصليبية المتربصة بالأمة الإسلامية.
إن أكثر من قرار قد صدر عن هيئة الأمم المتحدة ومنظمة اليونيسكو التابعة لها يشجب ويرفض ما تقوم به دولة الاحتلال من تغيير في معالم هذه المدينة، ولكن كل ذلك ظل حبراً على ورق و الكيان الصهيوني ماضية في خططها. المدينة المسحورة:
«المدينة المسحورة.. دراسة موجزة في تاريخ مدينة القدس خلال خمسة آلاف عام» وهذا هو عنوان كتاب للدكتور «عصام موسى قنيبي» لقد اختار المؤلف هذا الاسم للمدينة ـ كثرة أسمائها ـ التي عرفت بها لأن القدس بالإضافة إلى سحرها وجاذبيتها التي تجذب إليها الغزاة من كل مكان فهي مدينة مسحورة أيضاً!! إذ انها سرعان ما تلفظ المحتل الغاصب فيخرج منها ذليلاً مدحوراً.
الموقع الجغرافي:
الكاتب يعدد مزايا مدينة القدس التي شيدها العرب الكنعانيون قبل خمسة آلاف سنة فقد اختار العرب (اليبوسيون) موقع القدس لعدة أسباب منها: موقعها المتوسط في فلسطين (على خط عرض 31ـ 52 شمالاً وخط طول 35ـ 13 شرق جرينتش)، وارتفاعها عن سطح البحر حوالي 2598 قدما، وقربها من مصادر المياه النقية، فقد حفر اليبوسيون العرب نفقا يصل القدس بالجانب الشرقي من المدينة حتى نبع جيحون ـ أم الدرج ـ تجاه سلوان الحالية، إضافة إلى تحصيناتها الطبيعية فالمدينة محاطة بأودية سحيقة من ثلاث جهات الشرق والغرب والجنوب شكلت درعاً منيعاً لها، ولذلك كان معظم الغزاة يهاجمون المدينة من جهتها الشمالية.
أعطاها هذا الموقع قيمة تجارية واستراتيجية كبيرة فهي تقع بين مجموعة مناطق غنية كالشام وبلاد الرافدين واليمن ومصر التي حرص حكامها الفراعنة على وجود دائم في القدس خاصة وفلسطين عامة واستمر هذا الحرص بعد قيام الدويلات الإسلامية في مصر فالقدس بوابة فلسطين وفلسطين بوابة مصر الشرقية. فضلا عن المكانة الدينية المهمة التي تنفرد بها مدينة القدس على سائر مدن العالم. غُزاة القدس لكل الأسباب السابقة.. موقعها الجغرافي، ومكانتها الدينية، ومركزها التجاري المتوسط بين مجموعة دول، تكاد القدس تكون أكثر مدينة على وجه الأرض تعرضت للغزو والاحتلال من قوى محلية وإقليمية ودولية، فقد احتلها على الترتيب كل من الهكسوس والفراعنة والحوريون واليهود ثم الفراعنة والآراميون والأشوريون والبابليون (بلاد الرافدين) ثم الإغريق واليونانيون والرومان، على الترتيب والتوالي.
الدولة الأموية:
ثم جاء الفتح الإسلامي المبين في القرن السابع الميلادي (636 م) (15هجرية) وازدهرت المدينة في رعاية المسلمين وتم بناء المسجد الأقصى وتجديده ومسجد قبة الصخرة المشرفة في عهد الدولة الأموية زمن الخليفة عبد الملك بن مروان وابنه الخليفة الوليد بن عبد الملك واتخذ خلفاء بني أمية مدينة الرملة بفلسطين مصيفاً لهم.
ومن أجمل الآثار الإسلامية في هذه الحقبة المصلى المرواني الذي يدعي اليهود أنه أقيم على أنقاض هيكلهم المزعوم بينما كل الآثار تدل على أن تلك البقايا تعود إلى العهد الروماني حين كانت خزانات لحفظ المياه. وتعرضت القدس ـ مع كل المنطقة ـ إلى هجمة صليبية شرسة في القرن الحادي عشر الميلادي وبتحريض من الكنيسة الكاثوليكية والبابا أوربان الثاني. حكم القدس :
في العصور الإسلامية وبعد الفتح تعاقبت على حكم القدس دول كثيرة، فقد خضعت للدولة الطولونية والإخشيدية والفاطمية في مصر والسلاجقه الأتراك والأيوبيين على الترتيب، وهم الذين خلصوا بيت المقدس من الغزو الصليبي الذي دام 88 عاماً بقيادة الناصر صلاح الدين، ثم جاء المماليك البحرية والمماليك البرجية في مصر الذين حرصوا على إبقائها تحت نفوذهم تعظيماً لها، واستذكاراً لحديث الرسول (صلى الله عليه وسلم) «لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لعدوهم قاهرين، لا يضرهم من خالفهم حتى يأتيهم أمر الله عز وجل وهم كذلك، قالوا يا رسول الله وأين هم؟ قال: ببيت المقدس وأكناف بيت المقدس» (رواه أحمد في مسنده).
الدولة العثمانية:
خضعت القدس للدولة العثمانية الفتية ـ كسائر بلاد الشام ومصر لمدة أربعة قرون (1517 م ـ 1917 م) كاملة حتى تمكن الجيش البريطاني من احتلالها عام 1917 ومعها كامل فلسطين ليمنح الانجليز وعداً لليهود بإعطائهم فلسطين (وعد من لا يملك إلى من لا يستحق) واستمر هذا الانتداب حتى عام 1948 م عمل الانجليز خلالها على تدعيم وتقوية الاقتصاد اليهودي في مواجهة الاقتصاد الفلسطيني بل قدموا الدعم السياسي والعسكري والمعنوي في كل المحافل الدولية
في فترة الانتداب البريطاني هذه وصلت إلى فلسطين أربع موجات من الهجرة اليهودية: أولاها عام 1918، 40 ألف يهودي من روسيا ورومانيا والثانية (1923) 35 ألف يهودي من روسيا ورومانيا وألمانيا والولايات المتحدة الأميركية، والثالثة (1932 م) 88 ألف مهاجر من بولندا، والرابعة (1939م) 215 ألف يهودي من دول وسط أوربا، وهكذا وصل عدد اليهود في فلسطين عام 1948م حوالي 625 ألف يهودي بعد أن كانوا 25 ألف يهودي عام 1895 م. المؤامرةوفي
15/5/1948 ومع نهاية الانتداب البريطاني على فلسطين وإعلان قيام ال?يان
الصهيوني واعتراف الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي بها بعد دقائق من
إعلانها ومن رحم الأمم المتحدة تسارعت اعترافات الدول الغربية ودخلت جيوش سبع دول عربية الأعضاء في جامعة الدول العربية آنذاك (مصر وسورية ولبنان والأردن والسعودية والعراق واليمن وكانت نتيجتها استيلاء اليهود على جزء من فلسطين واحتفظوا بالقدس الغربية وفي عام (1967) في الخامس من يونيو قامت الحرب العالمية الثالثة واستولى اليهود على كل فلسطين بما فيها القدس الشرقية. ومنذ ذلك التاريخ (1967م) وإسرائيل تقضم من أراضي القدس العربية وتبتلع من أراضي فلسطين بدءاً من مدينة «اشكول» التي تشرف على القدس العربية وتتحكم في طريق أريحا القدس، مروراً بجبل أبو غنيم الذي حوّله اليهود إلى ضاحية سكنية (حارحوما) وقد نقلت وكالات الأنباء العربية والفضائيات الخبر وكأنه يحدث في كوكب آخر.. لا علاقة للمسلمين والعرب به.
أسماء القدس :
على كثرة الغزاة والمحتلين لفلسطين والقدس، فقد حملت القدس على مر العصور أسماء كثيرة متعددة لا يضاهيها في الكثرة إلا مكة المكرمة، ومن هذه الأسماء قبل الفتح الإسلامي مدينة «أور سالم» على اسم القائد العربي الكنعاني سالم الذي أمر ببنائها، و«يوري ساليمو» أيام الأشوريين «ويبوس» أيام العرب اليبوسيين، والقدس، ودار السلام، وبازق، وبيت المقدس، وجبل الزيتون، ومدينة داود، ومدينة صهيون، الجبل المرتفع باللغة الكنعانية وليست باللغة العبرية، ومدينة الله، ومدينة الحق كما وردت في الإصحاح الثامن من سفر زكريا، وإيليا كابيتولينا، وإيلياء كما ورد في العهدة العمرية حين أعطى الفاروق عمر بن الخطاب أهلها الأمان لأنفسهم وأموالهم وكنائسهم وصلبانهم.
وفي العصور الإسلامية اتخذت أسماء أخرى منها الأرض المباركة والأرض المقدسة، وأرض الرباط، بيت المقدس وأكناف بيت المقدس، أرض المحشر والمنشر، قبلة المسلمين الأولى، ثاني المسجدين، ثالث الحرمين الشريفين، وأرض الإسراء والمعراج.
كنوز القدس:
كنوز القدس اسم كتاب أصدرته منظمة المدن العربية ومقرها الكويت عام 1983 م كتبه د. رائف نجم وآخرون وقدم له د. ناصر الدين الأسد، تميز هذا الكتاب الموثق بالصور الواضحة والطباعة الجميلة والورق المصقول وجمع فيه المؤلفون آثار القدس بصدق وموضوعية، وذلك قبل سقوط القدس الشرقية عام 1967 بيد ال?یان الصهیونی، وقد احتوى على أكثر من 317 أثراً إسلامياً من مساجد وزوايا وأربطة وأسبلة مياه وخانقاوات ومداس حمامات وقيساريات، ومتاحف وبيمارستانات وملاجئ أيتام وتكايا... وغيرها.
بينما لم يسجل الكتاب سوى 7 آثار يهودية حقيقية في المدينة، بين كنيس ومدرسة، وحوالي 35 أثراً مسيحياً ـ كنائس وأديرة ومدارس، سجّل المؤلفون هذه الآثار وتطورها وترميمها والزيادة عليها وأسماء السلاطين والولاة الذين اشرفوا على بنائها أو ترميمها.
وهناك كتاب آخر يجب على المكتبات الإسلامية أن تقتنيه ولا تستغني عنه المعاهد ودور العلم والمعنيون بدراسة التاريخ وهو «تاريخ القدس» الذي كتبه في الأربعينيات من القرن الماضي عارف العارف المؤرخ الفلسطيني، ولم يبق منه إلا نسخ قليلة نادرة وبحاجة إلى إعادة إصدار.