قصة فارس احلامى

أدمنت النظر إليها كلما مرت أمامي ، أصبحت أسير النظرة الأولى عندما لاحت في الأفق كشفق قطبي جميل ، مداك و أنا أشعر بجنون يعتريني كلما لمحتها و بقلبي يخفق كالطبل يكاد ينخلع من مكانه ، أجلس أمام منزلها كالأخرق أنتظر بلهفة سعادة التطلع إلى عيناها السوداوتين و إلى شعرها القاتم الذي ينسدل على كتفيها بنعومة كالحرير ، لم يكن بمقدوري أن أخاطبها قط ، حالة من اللاوعي تجتاحني ، أامر رجلي بالحركة فلا تتحرك و لساني السليط عادة فلا يتكلم .. وحدها عيناي تحدقان بها وهي تمشي مشية الأميرات و هي ترمقني بنظرة خبث مع ابتسامة زهرية كل مرة لا أدري كيف ولكننا ربطنا علاقة بدون أن نشعر فقط من خلال النظرات و الإبتسامات ، أخدت أستجمع قواي دوما للحديث معها إلى أن جاء ذلك اليوم الذي ما فارق ذاكرتي قط .. كنت عازم على السفر بعد أن وجدت عملا في مدينة مجاورة ، أخدت في لملمت أغراضي في حقيبة صغيرة حملتها و أخدت أطوي شارع محمد الخامس طولا إلى أن لمحتها خارجة من إحدى الصيدليات ، وقفت و المارة يمرون يمينا و شمالا و كأن الزمن توقف و كأن الألوان امحت من المشهد فلم أعد أرى إلا هي ، نظرت إليها بقوة و كانت واقفة تتطلع إلي في لحظة ، لا أدري من أين أتتني الشجاعة لأتوجه إليها ولكنني فعلت ..

لم تتحرك هي الأخرى من مكانها و نظراتها مثبتة علي بقوة ، لم أعر الجميع أي اهتمام بالرغم من الحشود التي تطوي الشارع إلا أني لم أشعر إلا و أنا أقف أمامها فاردا دراعي للسلام .. لحظة من الذهول المفاجئ اعتراها إلى أن انتبهت إلى كفي مفرودا يطلب لحظة من الصفاء و لحظة من الواقعية ، بتردد كبير بادلتني السلام ، لم أجد من الكلمات أي حرف بالرغم من كوني عادة من أكثر الناس ثرثرة إلا أنها ليست كأي مخاطب آخر .. أحسست بنوع من الرتابة في الموقف بعد أن أمسكت بيدها لمدة أطول من اللزوم فبادرتها بالحديث و أنا أحدق بقوة في عينيها السوداوتين :
- شحال هادي وانا باغي ندوي معاك ، حتى مشيت نسافر بلا منقول لك حرف واحد ..
* و علاش هادشي كله ؟؟
- معارفش والله ، كل مرة نبغي ندوي معاك كيتخربق لي البلان ..
* و دابا هانا قدامك
- من أكثر اللحظات لي اتمنيتها فحياتي ، ولكن معرفتش قبل بلي مغديش نعرف نقول حتى حاجة ، مع أنه خوك مهدار بزاف هههه
* قول لي بغيتي أنا دابا كنسمعك ..
نعم ، أحسست بنوع من السعادة تغمرني بوقوفي أمامها بالرغم من أنها لم تظهر لي أي شيء إلا أن مجرد وقوفها أمامي يعد شيئا مقدسا بالنسبة لي .. انطلق لساني فجأة كأنه كان في سبات عميق أحكي قصة حياتي و قصتي معها منذ أول نظرة ، تلك النظرة التي حولتني إلى أسير حرب سعيد ، تركتني أتحدث مطولا و هي فاردة دراعيها ممسكة بحقيبتها السوداء المتدلية إلى الأسفل ، و لغرابة الموقف طلبت منها الحديث فما كان منها إلى أن نظرت إلى بابتسامة صغيرة ،
* مكاين ميتقال قدام كلامك هذا ، الحاجة لي ممكن نقولها لك هي إن شاء الله يكون خير ..
تركت كلماتها في نفسي صدى عميقا ، مزيج من الفرحة العارمة و السرور ، و كأن انفجارا مدويا زلزل أركان قلبي ، أم انه انقلاب عسكري حول حياتي التي يسودها الترقب إلى حياة مليئة بالأمل بالمستقبل ..

لم أتمم طريقي إلى محطة الحافلات ، لا أدري لم ولكنني أحسست أن أشياء كثيرة تشدني للعودة و كأني لم أطق فراق عينيها ولا لذة التطلع إليها .. قياسا بالأحاسيس التي كنت أكنها لها لم أجد بدا من الإستقرار في مدينتي مع أني وجدت عملا جيدا خارجها إلا أني فضلت الإستماع إلى نبض القلب و أنين الروح .. أصبحت حياتي مفعمة باشياء جميلة تجعلني كل مرة أتطلع إلى ما هو قادم بشوق كبير ممزوج بنوع من الأمل ، و لأني في حياتي كلها كنت في رحلة بحث مستمرة عن حب يحتضنني فإنني فور إحساسي بقربها مني أصبحت أحن و أنا معها إلى موعد اللقاء الآخر ، لا أمل الحديث معها ولا التفاصيل الصغيرة التي جمعتنا بابتسامتها الصغيرة التي تجعل قلبي يرفرف عشقا و ولها ، لم أكن إيجابيا في حياتي العملية إلا عندما وجدتها بقربي ..
- أجمل حاجة ممكن يلقاها الواحد هو شي وحدة بحالك يبغيها ..
* لا ممتافقش معاك
- و علاش ؟؟
* حيت أجمل حاجة ممكن يصادفها الإنسان هي أنه يلقا شي واحد بحالك لي يبغيه و فنفس الوقت يكون هو نيت كيبغيه ..
- هههه ديبلوماسية صحيحة مع راسك ، نخاف على وزارة الخارجية منك ..
* نتا تجي معاك وزارة الطاقة و المعادن هههه
لم أكن أعرف في غمرة كل هذا الهيام الذي أعيشه أن واقعا آخر يمكن أن يرسم لي ، و أن نهاية دراماتيكية أخرى يمكن أن تصيب علاقتنا التي كنت أتطلع إلى أن تبدأ بدايتها الطبيعية .. كان ذلك يوما منم أيام أبريل الجميلة عندما التقيتها كالعادة ، كان الوقت عشية وقت احمرار السماء و قرب انسدال ستارة الليل الذي لم أكن أتوقع أن تنسدل معه أشياء كثيرة ..
حتال غدا و نكمل دابا ضرني ظهري هههه

تسلم دياتك

يسعدني تواجدك بين سطوي التي اكتبها
تقبل خالص شكري وتقديري
بارك الله فيك