لكل صحفي أقول: تعريف الصحفي هو...

لكل صحفي أقول: تعريف الصحفي هو...

أستطيع أن أعرِّف أرباب الصحافة بأنهم أولئك الناس الذين يعكسون نظراتهم في مجتمعهم إلى سطور في صحيفتهم، وأنا اليوم أود أن أجمعهم في مجلسٍ للمحاسبة، أناقش معهم عقولهم، فليصغ لي كلُّ واحدٍ منهم، وليعرني عقله مع سمعه، فالخطب جلل.

فأما بعضهم فلا أدري ما الذي يدور في أذهانهم؟!! هل هم يكتبون لأجل أن تكتحل عين كل واحد منهم برؤية كتاباته في صباح اليوم الثاني؟!! أم أنهم كتبوا لأجل الحقيقة، وإبرازها، والحق وإظهاره؟ فيا ليت شعري كيف غابت الأهداف عن أهلها؟!! أجهلوا أم تناسوا أن تلك الكلمات أمانة سوف يحاسبون عليها، كيف وقد قال ربنا عز وجل: {مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ} [سورة ق 50/18] فلعمري لو جعل كلُّ كاتبٍ هذه الآية نصب عينيه، لتوقف عن كثير من الكلمات التي يكتبها جزافاً، ولاستوثق من كل حرف يبني عليه كلمة فضلاً عن مقال. ومثل هذا أظنه أراد نشر شيءٍ فآثر عرض اللا حقيقة، أو اللا واقعية، أو اللا فائدة، على بقاء إحدى الخانات في مجلته فارغاً من اسمه.
فأقول لهذا كما قال الشاعر:

فدع عنك الكتابة لست منها *** ولو سودت وجهك بالمداد

وأما الآخر فإنك ترى عقله بين تضاعيف السطور والكلمات، يصعد بك فلا ينزل، تسمو كلماته بسمو فكره، يتكاثف فكرك كلما صعدت لقراءة مقالاته، كما يتكاثف بخار الماء إذا صعد السماء، وحينها يكون الغيث الذي ينفع الناس. تتناغم كلماته مع الفطر السوية، ويقع أثرها في النفوس العلية، فتنثرها في أرض الواقع كنثر اللؤلؤ المكنون.

فبين هذا وذاك ترسو سفين قلمك، فاختر أي الساحلين تنجو به عند ربك، واختر من الكلام أحسنه، فكما قال بعضهم: لكل شيءٍ صناعة، وصناعة العقل حسن الاختيار.

تأمل إذا ما كتبت الكتاب *** سطورك من بعد إحكامها

وهذب عبارة طرز الكلا *** م واستوفِ سائر أقسامها

فقد قيل إن عقول الرجا *** ل تحت أسنة أقلامها

وفي نهاية المطاف إني لأذكر نفسي أولاً، ثم جميع من امتهن الكتابة أو احترفها، وجعلها صنعة له، أذكره بأنه سيسأل عن كل كلمة كتبها؟ وما أراد بها؟ فهل كلّنا مستعدون للجواب؟؟

على فكرة عاشقة انا أمنيتي أدرس صحافة