إسرائيل من الداخل

– قال ألان ديرشويتز، الأستاذ بكلية الحقوق بجامعة هارفرد والمدافع البارز عن إسرائيل، أن أفضل سبيل للفوز على الشريحة التي لم تتخذ قراراً بعد، عند إلقائه كلمة في الجامعات حول كتابه "قضية لصالح إسرائيل" هو إظهار أن أنصار إسرائيل هم أيضاً أنصار لحل الدولتين في النزاع، بينما لا يساند "أنصار فلسطين" حل الدولتين. بمعنى آخر، في الوقت الذي يقبل فيه الطلاب اليهود رؤية دولة فلسطينية تُنشأ إلى جانب إسرائيل، لا تستطيع مجموعة الطلبة المتطرفين اليساريين (حسب ادعائه) الليبراليين المسلمين الذين يساندون القضية الفلسطينية أن يقبلوا كحل وسط وجود إسرائيل.

بعد أن شاركْت في مساندة إسرائيل في جامعات في بريطانيا (وهي دولة يجعل فيها الحرم الجامعي المعادي للصهيونية الجامعة الأمريكية العادية تبدو وكأنها مؤتمراً لمنظمة الأيباك)، أجدني أوافق بشكل عام مع ديرشويتز. ليس هناك من تساؤل بأن أفضل أداة علاقات عامة تملكها إسرائيل في العالم العربي هي تاريخ العالم العربي في الرفض، وتفضيلها المتكرر لاستمرار النضال لإزالة دولة إسرائيل، بدلاً من التوصل إلى حلول وسطى وإعطاء الفلسطينيين في نهاية المطاف دولة لهم إلى جانب إسرائيل.

ولكن ما الذي يحدث إذا كان الإسرائيليون هم الذين يرفضون؟ ما الذي يحدث في جدل إذا قال المتحدث الفلسطيني أنه يقبل حق إسرائيل في الوجود، ولكن يجب تحرير الفلسطينيين من الاحتلال الإسرائيلي، ويقول المتحدث الذي يمثّل إسرائيل أنه يعتقد أن إسرائيل يجب أن تبقى مسيطرة على كامل الضفة الغربية؟ ليس هذا السيناريو بعيد الحدوث. يُنقَل عن محمود عباس وسلام فياض رسمياً أنهما يدعمان حل الدولتين. وحتى إذا لم تصدق أنهما يقصدان ذلك حقاً، فهذه الحكومة الإسرائيلية مليئة بالوزراء – دعك من أعضاء الكنيست – الذين لا يحاولون حتى تغطية معارضتهم لها.

ومن المباشر نسبياً النقاش أن عملية عسكرية ضد حماس في غزة تعتبر شرعية، فحماس منظمة إرهابية عقدت العزم على دمار إسرائيل. وينسحب الأمر نفسه على حزب الله في لبنان. ومن الممكن كذلك، والصحيح برأيي تبرير رفض الانسحاب إلى حدود ما قبل عام 1967، فهي لم تكن في يوم من الأيام حدوداً رسمية وإنما مجرد خط للهدنة، وقد فهم حتى الذين قاموا بصياغة قرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة ذات العلاقة أن "الخط الأخضر" لا يشكل حدوداً يمكن الدفاع عنها لدولة إسرائيل.

لذا نعم، تستطيع إسرائيل القول أنها سوف تحتفظ بمعاليه أدوميم وغوش إتزيون، وأنها ستحتاج لنوع من الترتيبات العسكرية في غور الأردن، وأن الدولة الفلسطينية يجب أن تكون منزوعة السلاح. جميع هذه المطالب مبررة إذا أخذنا بالاعتبار أن العداء الفلسطيني التاريخي لمجرد وجود إسرائيل، وتجربة الانسحاب من جنوب لبنان وغزة نتج عنهما اتساع كبير في الهجمات الصاروخية وخطف الجنود الإسرائيليين.

هناك نقاش أمني راسخ لصالح الاحتفاظ بما بين خمسة إلى 30% من الضفة الغربية (حسب المدرسة الفكرية التي تنتمي إليها). ولكن بناء عشرات المستوطنات على رؤوس التلال في الضفة الغربية حرضته عقيدة دينية متشددة وليس تقديراً خالياً من العاطفة لمتطلبات إسرائيل الأمنية. وهي أيديولوجية لن يهضمها الغرب الديمقراطي الذي تقول إسرائيل أنها جزء منه، لن يستطيع إسرائيلي إقناع أمريكي أو أوروبي أنه من المسموح به السيطرة على مناطق يتمتع فيها اليهود بحقوق ديمقراطية كاملة ولا يتمتع فيها العرب بذلك، لمجرد أن نوع اليهودية التي يتبعها تقول ذلك، خاصة وأن إسرائيل تعرّف نفسها بأنها دولة ديمقراطية.

أصغِ في المرة القادمة التي يعقد فيها زعيم إسرائيلي مؤتمراً صحفياً مع مسؤول أمريكي. من المضمون أنه سوف يؤكد على القيم الديمقراطية المشتركة للدولتين. بالمثل، وفي مؤتمر للجنة اليهودية الأمريكية أو أي تجمع واسع لليهود الأمريكيين، سوف يتكلم الضيف الإسرائيلي الهام عن حب الديمقراطية والحرية اللذين يوحدا إسرائيل والولايات المتحدة.

لنكن واضحين. إسرائيل دولة ديمقراطية، تعقد انتخابات حرة ولها إعلام ناقد حر نشط واعتراض شعبي بين الفينة والأخرى. ولكن ليس هناك من هروب من حقيقة أن دولة ديمقراطية لا تستطيع أن تحكم بشكل دائم شعباً آخر محروم من حقوق الجنسية الأساسية.

لا يمكن تحويل ذلك إعلامياً، ولا يمكن إخفاؤه تحت البساط.

رغم ذلك قال نتنياهو أنه يدعم حل الدولتين لشعبين، وقد تكلم بلباقة عن استعداده لاتخاذ "تنازلات مؤلمة". ولكن تجميد بناء المستوطنات ينتهي في أيلول/سبتمبر، وتدلّ المؤشرات على أنه لن يجري تمديد هذا التجديد.

وإذا قام نتنياهو باستئناف البناء في المستوطنات ما وراء التجمعات الاستيطانية الكبرى، التي يجعل وجودها أصلاً وجود دولة فلسطينية متصلة الأجزاء أمراً مستحيلاً، فسوف يصبح الاحتلال الذي يهدد الحلم الصهيوني بدولة ديمقراطية أكثر تعمقاً وترسيخاً.

العلاقات العامة لها أهميتها. يمكن تبرير المخاوف حول سحب الشرعية عن إسرائيل وإضفاء الشيطانية عليها في حرم الجامعات وفي الصحف وبالطبع في هيئات أورويلية مثل مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة. ولكن يتوجب ألا يتوقع من الناشطين الدبلوماسيين المساندين لإسرائيل أن يدافعوا عما لا يمكن الدفاع عنه.

###

* عمل بول غروس لمدة سنتين في دائرة العلاقات العامة بسفارة إسرائيل في لندن، وكاتباً لخطابات السفير قبل أن ينتقل إلى إسرائيل. تقوم خدمة الأرضية المشتركة الإخبارية بتوزيع هذا المقال بإذن من الكاتب.

يسلمووووو
عالموضوع
يعطيك العاافية

يسلمووووو والله يعطيك العافية ..

يعطيك العافيه على الوضوع المفيد
ننتظر المزيد من الابداع
تحياتى

احلي المواضيع في احلي منتدي


يسلمو علي المواضيع