بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
سبحانه وصف أهل السعادة بالإحسان مع الخوف، ووصف الأشقياء بالإساءة معالأمن، فهذا الصديق ,رضي الله عنه, كان يمسك لسانه ويقول, هذا الذي أوردنيالموارد ثم يبكي طويلاّ,وأما عمر فقد قرأ سورة الطور إلى أن بلغ قولهتعالى(إن عذاب ربك لواقع ماله من دافع)فبكى واشتد بكاؤه حتى مرض وعادوه,وقال لإبنه وهو في سياق الموت, ويحك ضع خدي على الأرض عساه أن يرحمني, ثممات, رضي الله عنه وأرضاه,أن الذنوب والمعاصي ,تضر وأن ضررها في القلوبكضرر السموم في الأبدان
,ومن الآثار, والذنوب المذمومة المضرة بالقلب والبدن في الدنيا والآخرة,حرمان العلم, فإن العلم نور يقذفه الله في القلب، والمعصية تطفئ ذلكالنور,ووحشة يجدها العاصي في قلبه بينه وبين الله، لا يوازنها ولا يقابلهالذة، ولو اجتمعت له لذات الدنيا بأسرها لم تف بتلك الوحشة،ومنها الوحشةالتي بينه وبين أهل الخير منهم،وكلما قويت تلك الوحشة بعد عنهم ومنمجالستهم، وَحَرِمَ بركةَ الإنتفاع بهم، وقَرُبَ من حزب الشيطان بقدر مابَعُدَ من حزب الرحمان، وتقوى هذه الوحشة حتى تستحكم، فتقع بينه وبينامراته وولده وأقاربه، وبينه وبين نفسه، فتراه مستوحشاّ من نفسه، قال بعضالسلف, إني لأعصي الله فأرى ذلك في خلق دابتي وامرأتي,ومن آثار الذنوبوالمعاصي, تعسير أموره, فلا يتوجه لأمر إلا ويجده مغلقاّ ومتعسراّ عليه،
وهذا كما أن من اتقى الله جعل له من كل أمر فرجا ومن كل ضيق مخرجا، وجعلله من أمره يسرا, فإن الطاعة نور، والمعصية ظلمة، وكلما قويت الظلمةازدادت حيرته، حتى يقع في البدع، والضلالات، والتَـفَرُطِ في الدين ,قالبن عباس رضي الله عنهما, إن للحسنة ضياء في الوجه، ونوراّ في القلب،وسَعَةً في الرزق، وقوة في البدن، ومحبةً في قلوب الخلق؛ وإن للسيئة سوادافي الوجه، وظلمةً في القبروالقلب، ووهنا في البدن، ونقص في الرزق، وبغضةًفي قلوب الخلق,فمن آثار وعقوبة الذنوب, أنه يسترق من القلب استقباحُالمعصية, فتصير له عادة، فلا يستقبح من نفسه رؤية الناس له,حتى يَفْتَخِرَأحدهم بالمعصية، ويحدث بها,فيقول يا فلان عملت كذا وكذا، فتسد عليهم طريقالتوبة، وتغلق عنهم أبوابها، كما في الحديث عن رسول الله ,رضي الله عنه,أنه قال( كل أمتى معافىً إلا المجاهرون)أن المعصية تورث الذل ، فإنالعِزَّ كُلَّ العِزِّ, في طاعة رب العالمين قال الله جل وعلا( من كانيريد العزة فالله العزة جميعا,أي, فليطلبها في طاعة الله,وقولهتعالى(ليذيقهم بعض الذي عملوا)فهذا حالنا وإنما أذاقنا الشيء اليسير منأعمالنا فلو أذاقنا كل أعمالنا لما ترك على ظهرها من دابة,أن المعاصيَتزرع أمثالها، ويُوَلِدُ بعضُها بعضًا، حتى يصعب على العبد مفارقتُهاوالخروجُ منها،قال بعض السلف, إنَّ من عقوبة السيئةِ السيئةَ بعدها، وإنَّمن ثواب الحسنةِ الحسنةَ بعدها, وأن الذنوب تُضعف القلب عن إرادته، فتقوىفيه إرادة المعصية، وتضعف إرادة التوبة شيئاّ فشيئاّ، إلى أن تنسلخ منقلبه إرادة التوبة,وقد يأتي بالإستغفار والندم وتوبة الكذابين باللسان،لكن قلبه متعلق بالمعصية، مصر عليها، وهذا من أعظم الأمراض وأقربها إلىالهلاك,وإن عظمة الله جل وعلا وإجلالَهُ في قلب العبد، يقتضي تعظيمحرماته، والمتجرؤون على معاصيه ماقدروه حق قدره، ومن عقوبة, أن يرفع اللهمهابته من قلوب الخلق، فيهون عليهم ويستخفون به, كما هان عليه أمر اللهواستخف به, فعلى قدر محبة العبدِ لله يحبه الناس، وعلى قدر خوفه من الجباريخافه الناس، وعلى قدر تعظيمه لربه وحرماته يعظم الناس حرماته, كما قالعلي, رضي الله عنه ,ما نزل بلاء إلا بذنب ولا رُفع إلا بتوبة,ألا فاعلمواأنَّا في نعمة عظيمة، نعمة التوحيد والسنة, فلا تبدلوا نعمة الله كفرا,فإنكم على دين قيم وصراط مستقيم, واحذروا المعاصي فإنها تُجَرِئُ أهلالبدع علينا،
اللهم ياحي ياقيوم ياذا الجلال والإكرام اللهم إنا نسالك الهدى والتقى والعفاف والغنى.
اللهم إنا نتوب إليك ونستغفرك ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين.